الجمعة، 7 يونيو 2013

فيلم خرج ولم يعد



Bottom of Form
http://img1.blogblog.com/img/icon18_wrench_allbkg.png
                                  فيلم خرج ولم يعد   

 
بطولة : يحيى الفخراني ، فريد شوقي ، ليلى علوي ، توفيق الدقن

اخراج :محمد خان
      كتب :بدرالدين حسن علي  

                            في أفلامِ خان – خصوصاً الأولى منها – هُناكَ القاهرة .. الكثير من تفاصيلِ القاهرة .. ضوضائها وتناقضاتها وملامحها وخصوصيتها .. غضبه منها وعشقه لها .. قاهرة اهتم بها كُل مخرجي جيله ولم يُعَبّر عنها أحدٌ مثله ، وفي واحدة من نوباتِ غضبه عليها خَرَجَ إلىالرّيفِ و   ولَم يَعُد..
                   يُخبرنا خان بلوحة مكتوبة تظهر في بداية فيلمه "ربما كانت الشخصيات من الخيال ، ولكن ثق أن الأماكن من الواقع" ، هو واضِح من البداية .. يضع المكان كبطلٍ من أبطاله .. ربما هو البطل الأوّل ، وفي فيلمٍ صُوَّر بالكامل تقريباً "خارجي" وليس في أستوديو يُمْكِن تَفهُّم أن الحكاية أولاً وأخيراً عن الأماكِن أكثر بكونها عن الأشخاص ، حنين واضِح لحياةِ الرّيف وتحيُّز لدرجة التطرُّف إلى هُناك ، الجَنَّة كَما يأتي على لسانِ "خُوخَة" في مشهدٍ من المشاهد أو بالأحرى حياة أبسط بكثير وأقل همّاً بمراحِل من نظيرتها في المدينة كَمَا يَشعُر "عَطيَّة" في كُلّ لحظة له هُناك ، حياة تُحاول فيها الاستمتاع بُكلّ شيء مهما كان بسيطاً .. حتى لو طَبَق "فول مِدَمّس" يَصنعه كمال بيه ، حياة ذات إيقاع أهدأ وألوانٌ أصفى ومُوسيقى ربّانيّة ، حَياة ينجازُ لها خان – حتى مع علمه بمثالية الصورة التي يرسمها – وينحاز لها بطله "عطيّه" في النهاية بعد أن جاء إلى هُنا كَيّ يبيع أرضه ويَعود .. فخَرَجَ مِنَ المدينة ولَم يَعُد ..
                     تَعَلَّمنا على يَدّ خان أنّ المكان دوماً جُزء من الحكاية ، وأن الحديث عن الطّعام أو تحضيره يُمثّل على الأقلِ مَشهداً في كُلّ فيلم ، وأنّ التفاصيل المنثورة وسط ما يَحدث أهم مما يحدث ، وأنّ الأغاني القديمة لأصوات مثل أم كلثوم وأسمهان وليلى مُراد وعبد الوهاب دائماً حاضرة ، وهذا كُلُّه موجود هُنا وبكثافَة .. لذلك لن أتعجّب لو قال خان يوماً أنّ هذا هو أكثر فيلم "استمتع" أثناء إخراجه .. لأنه بوضوح واحِد من "أمتع" أفلامه أثناء المُشاهدة ، والمُهِم فعلاً أن خان لم يُحاول أن يَمنَح فيلمه أيّ تنظيرات لا يحتملها ، الفيلم بَسيط وهادئ ومُتحيّز لأخضَرِ الرّيف ، كوميديا قد تكون الأفضل في تاريخِه ويُحاوِل فيها حَصر كُلّ ما يُحبُّه عَبر قصة شديدة البساطة تَكتسب أهميتها – كفيلمٍ – من التفاصيل التي يَمنحها هو إليها ومن الكيميا البديعة بين بطليه .. فريد شوقي في أقرب أدواره إلى قلبي على الإطلاق ويحيى الفخراني بتلقائيته المُثيرة للدهشَة ، حَتّى الأشياء التي أزعجتني – كموسيقى كمال بكير في افتتاحيّة الفيلم ، أو بعض زوايا طارق التلمساني – لَم تَمَسُّ كثيراً تقديري للعمل ، رُبّما هِيَ استراحة هادئة لخان بعد عام واحد من تُحفته "الحرّيف" .. ومَا أجملُ أن تكونَ الاستراحة بمثلِ هذا الجمال !
             لعل نقطة الضعف الوحيدة في الفيلم هي إختيار الممثلين لأداء أدوار الفيلم خاصة ليلى علوي ، وربما ينطبق هذا على بقية الممثلين ، فلا أحد يمكن إقناعك بأنه يؤدي دور شخصية ريفية دعك من صعيدية .

ليست هناك تعليقات: