نادر حله الرجل الهميم
بقلم : بدرالدين حسن علي
اتصل بي أخي وشقيقي ابراهيم خير ليبلغني بالخبر الفاجع – وفاة والدة نادر ابراهيم فتح الله الملازمة لسرير المرض لعدة سنوات ، وسرعان ما مر بي شريط طويل يمتد لسنوات من الذكريات الحلوة والمرة مع الأقباط السودانيين في كندا ، وخاصة هذا الرجل الهميم المشهور بنادر حله –وللعلم فقط حله لا تعني الحله السودانية وإنما أطلقها أقباط السودان عليه للتفريق بينه وبين نادر آخر واكتسب هذه الصفة لأنه " سمين " جدا ، ولنتذكر قوله تعالى " لا يسمن ولا يغني من جوع " .
كثيرا ما نردد مقولة أبي بكر الصديق " لا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيكم إن لم تسمعوها " وأنا أقول بالفم المليان أن الصفة تنطبق على اسمه ، وربما اسمه ينطبق على الصفة ، فهو رجل نادر في هذا الزمن الكالح ! هل تسمعني يا " شريف " المليك ؟ وهل تسمعني أيضا أنت الآخر الباقر المليك ؟ هل تعرف لماذا سموك الباقر ؟ لأنه من الفعل بقر ، أي توسع في العلم أو المال ، ومعناه أيضا البطل أو الأسد ، فهل تسمح لي أن أستعير اسمك لأعطيه لنادر واقول : الباقر حله ؟
من حسن حظي جمعتني علاقة حميمة جدا مع الأقباط في السودان وخارجه ، فجيراني يمينا ويسارا ومن الخلف " نقادة " وزوجتي الراحلة المقيمة حوريه حسن حاكم جيرانهم يمينا ويسارا ومن الخلف " مسيحيون " ، لذا أنا أعرفهم جيدا ، ومنذ أن جئت كندا إتخذت من نادر حله صديقا ملازما ، والأقباط السودانيون في تورنتو ينادوني " عبد المسيح " ، الراحل المقيم مجدي بولس هو من أطلق الإسم ، مجدي كان سودانيا حتى النخاع ، بسيط جدا ، طيب جدا و Very Hard Worker ولكن سلوكه لم يكن يعجب الأقباط أصحاب الوجاهة ، فكانوا " يكشون " منه ، بينما كنت أحبه كثيرا ، شقيقه الأكبر مراد بولس أقام " عزومة غدا " حضرها عدد كبير من أقباط تورنتو وكنت المسلم الوحيد بينهم ، إلتفت نحوي مراد وقال لي : سمعت أنك إلتحقت بالمسيحية ، قلت له ضاحكا : نادر حله هو الذي حببني في المسيحية وأخوك مجدي سيبعدني عنها ، ضحك مراد حتى وقع من الكرسي ، وكنت أعني بذلك إضفاء جو من المرح على الجلسة وفي نفس الوقت أرسل لهم رسالة بمكانة نادر عندي .
فارقنا مجدي بولس كما فارقنا أعزاء آخرون ما زالوا في رموش العين ميلاد و رودي ونخلة وغيرهم ، شقيقي كمال الزبير وأنا نعيش بينهم ونكن لهم كثير الإحترام وكانوا دائما سندا لي خاصة هذا ال " نادر " الذي زاملته حتى في العمل وأعرف أسرته زوجته نورما وكريمته رولا " وياما أكلت في دارهم العامرة " ، وعندما ناديت في ذات يوم من الأيام بالتوثيق للجالية السودانية في تورنتو إنما كنت أعني أمثال نادر وأفضاله الكثيرة على الجالية وعلى السودانيين في تورنتو ، ولو شئت أن أكتب عن هذا لما كفاني مداد قلمي ، ولكني لن أكتب عن هذا إحتراما لنادر ذات نفسه المشهود له بالطيبة وأعمال الخير وأن ما يعطيه بيده اليمين لا تعرفه يده
الشمال .
طبعا لي مع نادر حله طرائف كثيرة أخشى أن أحكيها لكم فيفسد الود بيني وبينه ، وأكتفي فقط بأني عندما عملت معه من الصباح وحتى " بالليل " لم نكن نعرف غير الضحك والأكل ، ودائما ما تكون دعوات الأكل شهامة ورجولة وكرم ويشهد على ذلك صديقي عبد الله نقد " يجيبو الله بالسلامة " الذي إنضم إلينا لاحقا فعرفنا ب " الثالوث الضاحك " ، وكان مجيء ابراهيم خير ، وعرفت نادر حله بعدد كبير من أعضاء الجالية السودانية مثل الراحل المقيم كمال شيبون والأخت الفاضلة آمال ميرغني والرئيس الحالي للجالية عمار عمر تاج الدين والحارث الحاج وغيرهم .
اللهم أغفر لوالدته ووالده وأدعو له بطول العمر وبالصحة والعافية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق