الخميس، 6 سبتمبر 2012

المسرح السوداني - الحلقة الثانية


المسرح السوداني بين الأمس واليوم "الحلقة الثانية "

بقلم : بدر الدين حسن علي

.



افتتاح المواسم المسرحية للمسرح القومي



كان الشاعر الكبير إبراهيم العبادي قد كتب مسرحية "المك نمر" خلال عقد الثلاثينات لتضاف أيضا لمسرحية تاجوج التي كتبها خالد أبو الروس، وهما مسرحيتان سودانيتان لحماً ودما، ولكن آثر الفكي عبدالرحمن أن يفتتح المواسم المسرحية للمسرح القومي بمسرحية العبادي "المك نمر" حيث قام الفكي بإخراجها، وهي بالمناسبة المسرحية الأولى التي أخرجها الفكي للمسرح القومي وبعدها أخرج مسرحية "على عينك يا تاجر"، ثم توقف عن الإخراج، ذلك لأنه إنشغل بعدها بإدارة شؤون المسرح ذات نفسه وكانت مهمته دون أدنى شك في غاية الصعوبة والتعقيد، لأنه وفي غضون فترة وجيزة تنوعت وإزدادت أنشطة المسرح القومي حتى أصبح قبلة لكل سكان العاصمة المثلثة، فصالة المسرح تمتليء عندما تكون هناك مسرحية كما تمتليء في الحفلات الغنائية بنوعية خاصة من الجمهور يحجزون المقاعد الأمامية تفوح منهم رائحة المسك والعنبر.



لماذا "المك نمر"؟



في إحدى جلسات الغداء سألت الفكي عبد الرحمن: لماذا اخترت مسرحية "المك نمر" كبداية؟ ألم تكن تاجوج أكثر شهرة منها؟ قال لي تاجوج قصة حب لا تختلف كثيراً عن روميو وجوليت رائعة شكسبير الخالدة، ولكني كنت أبحث عن شيء يتعلق بالشخصية السودانية، بالهوية السودانية فوجدت ذلك في "المك نمر"، كنت في ذلك الوقت وأنا ما أزال طالبا بالثانوية كتبت مقالا بمجلة الإذاعة والتلفزيون عن مسرحية "المك نمر" وأشرت في صلب المقال على ما أذكر إلى أن العبادي كان في مسرحيته عروبياً مناصراً للقبائل العربية عندما يتحدث عن الهوية السودانية، بينما الفكي بتدخله في النص المسرحي وإضافة قبيلة الزاندي تمكن من تحويل المسرحية إلى وجهة تعني بكل قبائل السودان" .



سنار المحروسة



"سنار المحروسة" كانت المسرحية الثانية ضمن موسم 1967 – 1968. وهي من تأليف وإخراج الطاهر شبيكة، سليل أسرة شبيكة المعروفة، ومن الواضح جداً أن اسم المسرحية يعكس ما يود شبيكة طرحه في تلك الفترة، وقد كان الفكي عبد الرحمن موفقاً تماماً عندما وقع اختياره على الطاهر شبيكة ومسرحيته "سنار المحروسة"، لأنه بذلك الإختيار ربط مسيرة المسرح السوداني الحديث منذ البداية بالخط الوطني، وهو ما فجر فيما بعد ذلك الصراع الرهيب بين المسرح والسياسة، أو بمعنى أصح بين المسرح والقوى الأمنية التي حاصرته في جميع الأعمال المسرحية التحريضية، كما حاصرت الكتاب والمخرجين الذين آمنوا برسالة المسرح كفن يدعو للتوعية والإدراك والفهم للقضية الوطنية .



خراب سوبـــا



هي المسرحية الثالثة في ذلك الموسم الافتتاحي، وهي أيضا تكشف عن مدى وعي الفكي عبدالرحمن وإدراكه لفن المسرح، والواقع أن المسرحية قدمت بإسم "إبليس"، التي ألفها الكاتب والشاعر القدير خالد أبوالروس عام 1964، وأخرجها أحمد عثمان عيسى، وهي أيضا رغم كثرة الخطوط الدرامية في المسرحية إلا أنها تصب في ذات الوجهة بالبحث عن الهوية حتى في داخل تلك الثورة السنارية المعروفة التي جعلت كتابا وشعراء فيما بعد مثل محمد عبد الحي والنور عثمان أبكر يوجدون ما عرف ب "العودة إلى سنار".



أكل عيش



وهذه هي المسرحية الرابعة والأخيرة التي أختتم بها أول موسم مسرحي للمسرح القومي بأمدرمان، وكانت من تأليف وإخراج الفنان الكوميدي الراحل المقيم، الفاضل سعيد، والذي أصبح فيما بعد من أعمدة كتاب ومخرجي الحركة المسرحية السودانية الحديثة.











ليست هناك تعليقات: