سينما الأمس .......سينما اليوم أراد أن يخرج فيلما سينمائيا فأخرج شيئا من قفاه لم أشاهد الفيلم المصري " عيال حبيبة " للمخرج أحمد عبدالله ، كما لم أشاهد فيلمه الآخر " عليا الطرب بالثلاثة " ، وأظن أنني محظوظ جدا بحرماني من المشاهدة ، فأنا بطبعي لا أحب مشاهدة الأفلام الساقطة للمخرجين الساقطين ، كما أكره كثيرا الممثلين السيئين الذين جاءوا إلى السينما من الأبواب الخلفية وفي غفلة من الزمان ، أولئك الذين يمكن أن يبيعوا كل شرفهم من أجل حفنة دولارات ، وسينما المقاولات والتهريج والإضحاك المقزز قد إنتهى عهدها وحلت محلها سينما محترمة ، سينما تقول شيئا مفيدا ، سينما تدعوك على إعمال عقلك ومعرفة ما يجري حولك ، بل تدعوك للإنتفاض والثورة من أجل تغيير كل ما هو سالب في حياتنا ، والسينما المصرية زاخرة جدا بمثل هذه الأفلام التي أنارت طريق المشاهد المصري والعربي بل ومشاهدي السينما في العالم أجمع . أميرة الطحاوي كاتبة مصرية ، كان أول مقال أطالعه لها في " سودانايل " عندما إستعرضت كتاب أخي وصديقي فتحي الضو المعنون " السودان- سقوط الأقنعة " ، وأذكر جيدا في إحدى مكالماتي الهاتفية مع فتحي قلت له يبدو أن ألطحاوي ذات أفق ثقافي واسع وعلينا أن نهتم بها ونسعى للتعرف عليها وتمليكها بعض الحقائق عن السودان ، وإذا بي أفاجأ الأسبوع الماضي بمفالها الثاني لي في " سودانايل " بعنوان " العنصريون الجدد في السينما المصرية " تطرقت فيه إلى الفيلمين المشار إليهما أعلاه ووصفت كلاهما أنهما من نوع الأفلام الفضيحة والإضحاك المفتعل ، وهذا ليس أمرا غريبا فالسينما المصرية فيها القمم الخالدة وفيها أيضا الأفلام الهابطة ، إلا أن أخطر ما جاء في مقالها عن الفيلمين النزعة العنصرية المتجذرة والمترسخة في عقلية هذا المخرج النكرة . السخرية من أصحاب البشرة السوداء في الفيلم الأول إتخذ المخرج من لون أحد الممثلين - " سليمان عبدالعظيم " وهو يؤدي دور شاب أسود اللون – مثارا للسخرية وإهانته عمدا لأصحاب البشرة السوداء ، وأوردت الطحاوي في مقالها ما كتبه الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي وإستنكاره الشديد للفيلم ، وما جاء فيه من مشاهد أشعرته بقدر لا ينكر من الإشمئزاز من تلك السخرية ، وقال تحديدا أنها سخرية سوقية وصبيانية لا تليق فكريا ولا إنسانيا لأنها تصل إلى حد إزدراء صاحب البشرة السوداء ، ووصفها بأنها سابقة خطيرة لا يدري كيف تجاوزت عنها الرقابة . وأوردت الطحاوي أيضا جزءا مما كتبه الناقد المصري أحمد يوسف والذي بدوره وصف الفيلم بالفضيحة ، وأنها نفس تلك الضحكات العنصرية المريضة من أصحاب البشرة السوداء ، التي أصبحت علامة مسجلة في الأفلام المصرية الأخيرة ، مشيرا إلى أفيهات مثل " الناس دي إتحرقت قبل كده !!!! ووصف الأمر بأنه يجعلك تبوس أيدي صناع الفيلم لأنك لا تريد أن تضحك وليذهب هذا النوع من الكوميديا إلى الجحيم . هذا يحدث في مصر " الشقيقة ّّّ!!!! هذا عن عام 2005 ، وفي العام 2006 عرض لذات المخرج النكرة فيلمه الثاني المشار إليه سابقا ، وفيه يقبل ممثل أسود البشرة على مجموعة من الحالسين فيصيح الممثلون " أهوه الفحم وصل !!!!!!!!!!!!" ، فيضج الجميع بالضحك ، ولم يستح أو يخجل صناع الفيلم من أن يطلقوا على الممثل إسم " نصر السوداني " مقرونا بصفة الريحه الوسخة ، وهو يرتدي الزي القومي السوداني من جلابية وعمة وملفحة !!!! وأن الجملة المقززة " نصر السوداني أبو الريحة الوسخة تتدفق بلا حياء على لسان أكثر من نجم عندما يظهر هذا السوداني لتمثل إحدى مرتكزات الفيلم الفكاهية . ولكن أحمد عبدالله ليس وحده ، فقد إنضمت له المخرجة إيناس الدغيدي التي سيعرض لها قريبا فيلمها " ما تيجي نرقص " ويحتوي على عبارات مشابهة للفيلمين السابقين ، أستخدمت للدعاية للعمل ، حيث تستظرف الممثلة هالة صدقي وتقول أنها كانت مخطوبة لكوفي عنان – وتنطفها قوفي !!- وفسخت الخطوبة لأن لونه غامق !!!!!!!!! طبعا لا شيء يمكن أن يشعرك بالحنق والقرف والتبول على مثل هكذا أفلام تعرض في جميع دور العرض السينمائية المصرية وربما العربية أيضا ، ويشاهدها مصريون بعضهم بسطاء يتشكل في وعيهم صورة سخيفة للإنسان الأسود ، وبأتي هذا في زمن تصاعدت فيه شعارات حقوق الإنسان التي تمنع منعا باتا وتحاكم بالسجن أية إتجاهات لقذف الآخر في لغته أو دينه أو ثقافته أو لونه أو عرقه ، ولا يستطيع أيا من كان أن يجد العذر لمثل هذه الأعمال الهابطة المسيئة ، فهناك جهاز في جميع بلدان العالم يسمى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ، ومهمة هذا الجهاز بالدرجة الأولى حماية حقوق البشر من الفنانين المتصعلكين المتعنطسين الذين يهددون المباديء الأساسية للسلم وإحترام الآخر . ولا يستطيع أيا من كان أن يجد العذر لجهاز الرقابة المصرية في تمريرها لمثل هكذا أفلام وبالتالي هي مشتركة بالكامل في مثل هذه الجرائم البشعة المدمرة ، وهي بذلك إنما تشجع الآخرين على حذو نفس الطريق ، ونعيش بالتالي في غابة يحكمها الحمقى وألأغبياء والموتورين والمنفلتين ويصبح الآخرون هم الجحيم ّ!!! هناك آلاف القضايا التي تهم الإنسان المصري والتي يمكن أن تتناولها السينما المصرية مثلما فعلت تلك الأفلام الخالدة والتي ما تزال تعيش في وجدان الناس ويخلدها التاريخ عبر العصور ، وهي ذات الأفلام التي عرف العالم من خلالها الإنسان المصري وثبتت مكانته بين شعوب العالم ، وعلى الأقل ينبغي أن يشعر أمثال هؤلاء الحمقى بالخزي والعار لأنهم يهدمون تلك القيم الإنسانية الجميلة التي تركها لنا الأسبقون ، وعلى جهاز الرقابة المصرية أن يشعر هوالآخر أيضا بالخزي والعار لأنه تحول إلى جهاز مفسدة وليس رقابة ، وأذكر جيدا عندما كنت أعمل في راديو و تلفزيون العرب بالقاهرة كان أكثر ما يهم مالكها الشيخ صالح عبدالله كامل هو جهاز الرقابة على الأفلام وكان يسائلني شخصيا عن أي فيلم يخدش أو يلمس بأطراف الأصابع القيم الأخلاقية والدينية والإجتماعية وغيرها ، فما بالك بجهاز رقابة بحجم الجهاز المصري ، وما يؤلم حقا أن الفيلم يبقى بنسخته الأصلية الملطخة لسمعة البلد المنتج . السودانيون لهم حكمة متداولة تقول " العارف عزو مستريح " ونحن يا ولدي يا حمودي عارفين عزنا ومستريحين ولكن الطامة الكبرى في أن أحمد عبدالله أراد أن يخرج فيلما سينمائيا فأخرج شيئا من قفاه !!!!!!!!!!!!!! كلمة أخيرة يبدو أن سفارتنا في مصر " نايمة في العسل " مع أنها تحتل مبنى راق وفي وسط البلد يزدحم بالعاملين وتصرف عليه ميزانية مهولة ومع ذلك لا تحرك ساكنا إذا ما تطايرت جثث اللاجئين في ميدان مصطفى محمود أو تخصصت السينما المصرية في الشخصية السودانية ، وحقيقة أنا مندهش ومستغرب لهذه المواقف السلبية واتساءل بإلحاح شديد عن دور السفارات في الخارج فهل من مجيب ؟ أم نكشف أكثر عن كل ما هو غريب وعجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ |
السبت، 9 فبراير 2008
سياحة في عقل صعلوك مستهتر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق