الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

نادي السينما

الجالية السودانية في تورونتو الكبرى
نشاط نادي السينما

فيلم الخرطوم والطريق إلى نادي السينما




بعد أن توفر له جهاز سينما متكامل أعلن المكتب التنفيذي للجالية السودانية في تورنتو الكبرى عن تقديم الفيلم العالمي التاريخي "الخرطوم " ، وتدور أحداث الفيلم حول الثورة المهدية وتحديدا موقعة شيكان وحصار الخرطوم ،ويستعرض أيضا ما دار من حوارات في أروقة الحكومة البريطانية أيام الإستعمار البريطاني للسودان وأيضا بعض المواجهات التي تمت بين غردون باشا والثائر السوداني الإمام محمد احمد المهدي والزبير باشا وغير ذلك من مواد تاريخية تضمنها الفيلم الوثائقي الذي إنحاز في جوانب كثيرة منه للإستعمار الإنكليزي وهو أمر لا يدعو للدهشة والإستغراب وتلك حال السينما في بعض دروبها المظلمة للشعوب المكافحة ضد الإستعمار ، وذلك أيضا خطاب الدول الإستعمارية إنتظارا لمخرج سوداني مبدع يعيد قراءة المشهد السياسي التاريخي بأفق وطني .
الفيلم إنتاج عام 1966 للكاتب روبرت أودري Robert Odrey وإخراج بازل ديردن Basil Dearden وبطولة ممثلين كبار أمثال شارلستون هيستونفي دور الجنرال غردون باشا والممثل النابغة لورانس اوليفيه Lawrance Olivier في دور محمد احمد المهدي ، تصوير تيد سكيف Ted Scaife وسيناريو ألان كايلو Alan Cailou .
الفيلم كما قلنا سابقا يعكس وجهة النظر البريطانية إلا أن المخرج لم يستطع الهروب من مشاهد البطولة والشجاعة والجسارة التي أبداها الثوار السودانيون في مكافحة المستعمر وإيمانهم القوي بعدالة قضيتهم وبقائدهم ودفاعهم المستميت عن بلدهم بسلاح بسيط في مواجهة الآلة العسكرية الضخمة التي وفرها الإستعمار البريطاني وخاصة قطع رأس غردون باشا ، وكم كنت أتمنى تقديم النسخة التي ترجمها د. خالد عبدالقادر تاج الدين .
في الفيلم الوثائقي إذا غاب الجانب المعرفي يفقد الفيلم الكثير من جودته ، لا بد من معرفة دقيقة بالأحداث والظروف والتفاصيل المكونة للقصة الأصلية ، لسنا ضد الإثارة والتشويق في العمل السينمائي ، ولكن لا بد من أن تكون اللغة السينمائية المستخدمة مخلصة وصادقة ، فالسينما الوثائقية هي رؤية مستقاة من الحياة والتجربة والذاكرة والأحاسيس والمعالجة الموضوعية ، وعلى المخرج أن يكون على دراية كاملة بالشخصيات التي يقدمها ، وعلى سبيل المثال لا يختلف أثنان بأن الممثل لورانس أوليفيه ممثل عظيم ورائع ولكنه قدم لنا دورا فاشلا في تقمص شخصية مثل الإمام محمد احمد المهدي الذي كتب عنه الكثير وعن شخصيته ، وعندما كنت أشاهد فيلم الخرطوم كنت دائما أرى لورانس أوليفيه في أعمال شيكسبير الخالدة مثل هاملت وريتشارد الثالث ، ولذا فمن الظلم له ولنا أن يقدم شخصية المهدي !!!
بعد عرض الفيلم أقيمت حلقة نقاشية حول الفيلم شارك فيها لفيف من السودانيين تميزت مناقشاتهم بكثير جدا من الشفافية والمعرفة الثقافية والإدراك أيضا لقضايا بلدهم ويبدو أن هذا ما دفع بعض أعضاء المكتب التنفيذي للجالية السودانية بتشكيل لجنة للسينما تكونت من : بدرالدين حسن علي –ابراهيم اسماعيل – د. ياسر محجوب وطارق
شبين .




ماسة الدماء في نادي السينما

في أول عروضه السينمائية قدم نادي السينما بالجالية السودانية في تورنتو الكبرى فيلم " ماسة الدماء " Blood Diamond "قصة تشارلز ليقيت وإخراج إدوارد زويك ومن بطولة ليوناردو دي كابرينو وديجموند هوتسو ومايكل شين وإنتاج عام 2006.
قصة الفيلم تضيء على معاناة مؤلمة جدا في إفريقيا عندما كانت ترزح تحت الإستعمار ، وكانت معظم دولها نهبا للثروات كالذهب والماس والنفط مما جعلها أيضا مرتعا خصبا للحروب والنزاعات والجرائم وجميعها ينتهي إلى الفقر والجوع ، والقصة تعود إلى عام 1999وفي سيراليون بالتحديد عندما كانت تمزقها الحرب الأهلية ،حيث يقوم الثوار المعروفين بمقاتلي الحرية بمهاجمة القرى واحدة تلوالأخرى ، ليقتلوا النساء والضعفاء ، ويأسروا الرجال الأصحاء ليتم إرسالهم للعمل في معسكراتهم ومناجمهم للبحث عن الماس ، بينما يقومون بتجنيد الأطفال دون الثانية عشرة من عمرهم ليصبحوا من الثوار ، وقائدهم هو الكابتن بويسون " ديفيد هاروود " David Harwood وهو سفاح دموي لا يعرف رحمة أو شفقة .
ونتعرف على سولومون فاندي صياد السمك الذي يعيش حياة بسيطة ويحلم بمستقبل أفضل لإبنه ديا ، ويقوم بالدور الممثل الكبير ديجمون هوتسو والذي يكاد يكون بطل الفيلم على الرغم من وجود دي كابرينو ، وفي أحد الأيام يقوم كابتن بويسون بمهاجمة البلدة مع رجاله ، وتنجح زوجته وأطفاله الثلاث بالهرب بينما يقع سولومون وابنه ديا في الأسر ويتم إرسال سولومون للعمل في منجم الماس .
ومن هنا تتصاعد أحداث الفيلم نحو القمة " Climax “ كما يقولون ، إذ يقوم بويسون بالإشراف شخصيا على تحويل ديا إلى مقاتل مع الثوار ، ويغسل دماغه ويقنعه بأنه طفل الثورة ، وأن والده خائن للوطن .
داني آرتشر " ليوناردو دي كابرينو " جندي سابق في زيمبابوي وصائد ثروات ، لا يهتم لأمر أحد ، ولا يتحزب لطرف دون الآخر ، ولا يعنيه مصير مئات الآلاف من العوائل التي مزقتها الحرب الأهلية ، ويعمل في تهريب ما يعرف بماس الدماء من سيراليون إلى ليبريا حيث يمكن بيعه هناك بشكل قانوني لتجار الماس الإنكليز ، يعثر سولومون على ماسة وردية ثمينة وفريدة في حجمها ونقاوتها يقوم بتخبئتها بسرعة ، وعندما يعلم آرتشر بأمرها يسعى للحصول عليها حتى تكون تذكرته للخروج من إفريقيا ويقوم بمساعدة سولومون على الهرب ليكسبه ويقترب منه لهذا الغرض ، وينقذ آرتشر حياة سولومون في أكثر من مناسبة ويحتفظ بوعده له بجمعه ببقية أفراد أسرته مقابل أن يحصل على تلك الماسة .
وتتسارع أحداث الفيلم إثارة وتشويق ، كر وفر ومطاردة وقتل ، ويلتقي سولومون بإبنه ثم عائلته وينجو من تلك المعارك الرهيبة بعد أن وجد الماسة التي خبئها وتكون تذكرته هو للنجاة ، للحرية والإنعتاق .
الفيلم قدمه الأديب الفنان عدنان زاهر والذي تحدث أيضا في الحلقة النقاشية التي أعقبت الفيلم بكثير جدا من الموضوعية والفهم العميق لأحداث الفيلم كما طرحت الكثير من الملاحظات في غاية الأهمية .


" عطر " صورة ساحرة تظل بالذاكرة كل العمر


بدون فذلكة وبدون تنظير هذا فيلم رائع لمخرج عبقري وكاتب يستحق الإحترام وممثلين على درجة عالية من الإتقان ،والفيلم السينمائي عندما يستفز عقلك وحواسك و"يكهرب " عواطفك ومشاعرك ويجلب النقمة والسرور يكون قد حقق مقاصده وأهدافه ، وما أكثر حاجتنا لأفلام كهذه ، فيلم اسمه " عطر" تكاد تشم رائحة العطور التي فيه .
الفيلم عن قصة الكاتب الألماني الشهير باتريك زوسكيند Patrick Suskind الرائجة عالميا "عطر : قصة قاتل " ، والرواية التي ترجمت إلى العربية منذ سنوات ترجمت أيضا إلى نحو أربعين لغة عالمية ، وجلبت على ناشرها وكاتبها ملايين القراء والدولارات أيضا ، وهي رواية عظيمة في قصتها وحبكتها ولغتها ، وتدور أحداثها في القرن الثامن عشر في باريس حيث جان باتسيت غرينويلي الذي يمتلك مهارة لا توصف في معرفة الروائح والعطور وتصنيفها ، وكيف أ صبح مهووسا بصنع عطرساحر من أجساد النساء، وهذا الأمر حوله إلى مجرم خطير ، إنها رواية تأخذ الروائح والعطور فيها دور البطولة ، و كما علق بعض النقاد أن من يقرأها ثم يشاهد الفيلم الذي أخرجه الألماني توني تايكورTony Tykwer يجد أن المخرج كان حريصا كل الحرص على الإخلاص لأحداث الرواية قدر الإمكان مع الانتباه إلى اللغة البصرية السينمائية والتصعيد الدرامي .

يبدأ الفيلم من نهاية حكايته أي منذ اللحظة التي أدين فيها غرينولي " بن ويساو"Ben Whisaw في العام 1766م باختطاف الصبايا الجميلات في " غريسي " وقتلهن ، ويبدأ عبر الاستذكار بالعودة نحو عشرين عاما إلى الوراء ، حيث ولد في حي بائس في باريس مليء بالروائح العطنة للسمك والنفايات المتراكمة وروائح البشر ، و في اللحظات الأولى لولادته تنشق بأنفه روائح ما حوله وبدا أنه يمتلك أنفا لا يجارى ، وتنقلنا اللقطات السريعة المتقطعة لتلك الأشياء وروائحها ، فيما ينقلنا الراوي للاحداث بصوته إلى بعض مقاطع الرواية التي كتبها زوسكيند متناوبا مع المشاهد البصرية التي تعبر أيضا بطريقتها الخاصة عن الحكاية ، ولكن دور الراوي هنا يربط ما بين الحكاية ويقدم تعليقاته عليها ،وهو دور أساسي ويساهم في إغناء الفيلم وجعله سلسا ومفهوما لمن لم يقرأ الرواية .
ونتعرف كمشاهدين هنا على طفولة غرينولي ويتمه ، فقد تركته أمه منذ وضعته ، و " فيما هو يطلق صرخته الأولى قاد أمه إلى المشنقة " كما يقول النص المسموع المأخوذ من الرواية ، وهنا يظهر لنا بشؤمه وخطورته منذ وعى " أنفه " - كما أنف سي برجراك - كل ما حوله من روائح ،وصار يميزها ويتنشقها بلذة ، وكأنه يتناول طعاما شهيا، و تتواصل الأحداث لتقودنا إلى تلك السنوات العصيبة التي قضاها يتيما في عهدة مدام جيلارد ( سيان ثوماس ) وكيف باعته بفرنكات معدودة لدباغ قاس حيث قضى فترة طويلة يتعامل مع الجلود الطازجة وروائحها المدوخة ، وقاده عمله يوما إلى السوق المزدحم بالبشر وكان يتتبع روائحهم , و قد انذهل لتنشقه لروائح جديدة .
وتبع رائحة فتاة تبيع الخوخ ( كارولين هيرفارف ) وكانت أولى ضحاياه ،وعبر مشاهد بصرية مؤثرة نرى غرينولي يتنشق أجزاء جسدها العاري ويحتفظ في ذاكرته بهذه الرائحة الجديدة المحيرة للبشر ، وفيما بعد نراه يتعرف على بائع عطور ومخترع لوصفات شهيرة هو بالديني
" داستن هوفمان " Dictin Hofman الذي يعاني الركود في تجارته والإحباط بسبب عدم قدرته على إبداع عطر جديد يرضي النساء الباريسيات ، ولكن غرينولي ومعرفته الخارقة للروائح وتمييزها جعلته قريبا من بالديني بل عاملا لديه يتبادلان الخبرات ، ويبدو غرينولي مهووسا بمعرفة أسرار حفظ روائح الأشياء كلها ، ويعرفه بالديني على أسرار التقطير ، وأسماء الأزهار ، فيما يقدم له غرينولي وصفات لا تنتهي لعطور جديدة أعادت الحياة لتجارته البائدة , ونرى كيف يصف بالديني العطر بأنه يشبه السلم الموسيقي وأنه يتكون من 12 درجة وأن الدرجة الثالثة عشرة هي المفقودة والكل يبحث عنها فهي كالأسطورة ، ولكن صاحب الأنف الخارق يريد المزيد لمحاولة أنتاج أعظم عطر عرفته البشرية فيسافر إلى عاصمة العطور في أوروبا " غريسي " ، وهناك يتعلم المزيد برعاية مدام أرنولفي ،ولكن شغفه بالعطور يجعله يبحث عن تقطير روائح البشر ولا سيما الفتيات الجميلات إذ يبدأ بقتلهن والحصول على روائحهن ووضعها في قوارير ، وثمة مشاهد تفصيلية أبدعها لنا المخرج لذلك القاتل وهو ينتزع روائح ضحاياه وهي طازجة ويقطرها في زجاجات خاصة حتى ضج أهالي غريسي من الجرائم الغامضة والقتل المتواصل لأجمل فتياتهم ، والبقية معروفة في الحكاية عبر القبض على غرينولي ولكن بعد أن يكون قد صنع عطره الغامض الخطير ،ولعل المشاهد الختامية للفيلم حينما يجتمع الأهالي الساخطين لحضور صلبه ،تعبر تماما عن روح ما كتبه زوسيكند ووصفه الشائق لها ، وكيف أصبح القاتل قديسا بنظرهم حينما يرش عليهم قطرات من عطره هذا بل يصابون جميعا بالتهتك وحالة من الاستلاب لا يستطيعون لها صدا ،ويحفل الفيلم في تلك اللقطات بمشاهد عري كاملة لمجاميع بشرية كبيرة بالمئات قلما عرفتها السينما بكل تلك الجرأة .
في سياق ذلك نتعرف على دور التاجر النبيل أنطونيو ريشي ( ألان ريكمان ) الذي يحاول إنقاذ ابنته الجميلة لاورا من القتل المحقق ، وتساعد هذه الحكاية البوليسية الطابع في إذكاء عنصر التشويق والترقب على أحداث الفيلم ، فالرجل مقتنع بأن هذا القاتل مهووس بالجمال وأن ضحاياه بقين عذارى ولهذا فثمة سبب غير جنسي لقتلهن ، ويقوده تحليله هذا إلى الهرب بابنته بعيدا ولكن " أنف " القاتل تبعته عبر مسافات بعيدة ،وكانت لابنته بالمرصاد..!
رغم أن رسالة زوسكيند الكاتب ( يعيش في ميونخ ) في روايته تشير إلى أن هذا القاتل العبقري هو ضحية في النهاية لظروفه المأساوية وأنه لو وجد الحب منذ البداية لما أصبح مجرما ، ثم أن عبقريته في صنع العطور قادته إلى البحث عن ( إكسير الحب ) الذي ما إن يضع منه قطرات حتى يقع العامة والخاصة في حبه وتقديسه ، فكل الذين كانوا حانقين عليه تحولوا في لحظات إلى الإشادة به كبريء والنظر له كمخلص وقديس ،لقد وجد غرينولي في العطر ما لم يجده في الحياة ، فالكل يحتقره وينظر له نظرة دونية ، ولعل المشاهد الختامية تعبر عن خلاصة ما وصل إليه ، فالرجل أراق قطرات العطر كلها فوقه ، فانقض الناس متهافتين عليه ( ومن الحب ما قتل ) وأيا كانت الحكاية وتفاصيل حبكتها وما وراءها من إشارات ، فإن المخرج تايكور قد استطاع أن يجد مجموعة من الممثلين المتميزين لأداء هذه الأدوار بكل اقتدار ، فالممثل الرئيسي البريطاني بن ويشاو رغم أنه غير معروف ومازال في الخامسة والعشرين من عمره إلا أنه استطاع أن يدخل إلى أعماق شخصية غرينولي ويتقمصها تماما ،وساعدت ملامحه القاسية والساذجة معا على ذلك ،وبدا كما لو أن زوسكيند كتبها له أساسا ، أما الممثل الأميركي المعروف داستن هوفمان فهو أيضا استطاع ببراعة أن يؤدي دور بائع العطور ومخترعها جيوسيبي بالديني ، وبقية الأدوار قام بها ممثلون ألمان وفرنسيون وبريطانيون أيضا ، وهذا يتوافق مع الانتاج المشترك لهذه الدول لهذا الفيلم .
الفيلم واحد من الأفلام التي لا تنسى ، لأن فكرة الفيلم والإخراج والتصوير ، ورائحته !!! ستظل بالذاكرة كل العمر ، وهو واحد من الأفلام التي لا تتكرر ، كما أن الفيلم يكاد يكون غريبا وليس بالإمكان مشاهدة مثل هذه الأفلام دائما ، فمثلا طريقة التصوير والمناطق التي اختارها المخرج كانت في غاية الروعة .
الفيلم قدم له وعقب عليه الفنان الفاتح مبارك وقد نجح في ذلك رغم صعوبة الفيلم ،كما أن الفيلم كان من إختياره ولقي بعض النقمة من الحضور بسبب المشاهد المقززة خاصة مشهد التعري في نهاية الفيلم .



السينما عندما تحتفي بالصداقة والحياة
كتب : بدرالدين حسن علي
هذا فيلم يجمع بين ممثلين كبيرين مشهورين لكل منهما مدرسته و أسلوبه الأدائي وتاريخه الفني الناصع ، جاك نيكلسون الذي حاز على جائزة أفضل ممثل رئيسي في أوسكار عام 1975 عن دوره في فيلم " وطار فوق عش المجانين " ، وجائزة أفضل ممثل رئيسي عام 1997عن دوره في فيلم " أفضل ما يمكن حصوله " وأيضا أفضل ممثل مساعدعام 1983 عن دوره في فيلم " شروط إظهار
العاطفة " ، كما حاز على جائزة الغولدن غلوب سبع مرات ، أما الممثل الآخر فهو النجم الساطع مورغان فريمان الحاصل على عدة جوائز عالمية سينمائيا ومسرحيا .
فيلمBucket List - ولا أدري ما هي الترجمة العربية الصحيحة – ولكن دعونا نتفق مع ترجمة " قائمة سلة المهملات " التي إقترحها مقدم الفيلم محمد الحسن أبوسنينة ، فيلم مثل مادة " الكلوروكس " عندما نضعها غلى الملابس البيضاء ، لا قبلات أومشاهد جنسية أو عنف وغير ذلك مما إعتادت عليه السينما الأجنبية وقلدتها في ذلك السينما المصرية ،فيلم يبتعد عن بهرجات الإنتاجات التجارية والتي أيضا إعتدنا عليها في معظم الإنتاجات السينمائية الأخيرة ،في المسرح درسونا أن المسرحية في نهاية الأمر بداية ووسط ونهاية ومؤخرا قال أحد النقاد السينمائيين المحترمين أن الفيلم السينمائي جنس وعنف وآكشن ولا بأس من قصة ترضي الجمهور !!!!
في فيلم Bucket List ألغى المخرج العناصر الثلاثة واهتم فقط بالقصة والتي كانت إحتفاء مشوقا بالحياة والصداقة لأثنين داهمهما مرض السرطان اللعين على كبر وأدركا أنه لم يبق لهما سوى عدة شهور قليلة على قيد الحياة .
جاك نيكلسون في العقد السادس وربما السابع رأسمالي أميركي ، عصامي وأحد فرسان الحلم الأمريكي ، إنطلق من الصفر ليؤسس إمبراطورية مالية من بينها مستشفيات خاصة تعتمد شعار " هذا مستشفى وليس منتجعا صحيا ، في كل غرفة سريران ولا إستثناءات " جتى يدخل "إدوارد
بيرمنت – جاك نيكلسون " بنفسه إلى مستشفاه الخاص الذي لا يعترف بالإستثناءات متسلطا غاضبا
على الدوام كطفل صغير يتبرم من أصغر الأشياء وأتفهها ، يكون حين يلتقيه جاره في الغرفة " كارتر –مورغان فريمان " الذي يمثل نقيضه من الشكل إلى الذهنية ، أحدهما ملون والثاني أبيض ، أحدهما راسمالي والثاني عامل ، أحدهما وحيد وقد نأت عنه زوجاته الأربع وابنته ، والثاني محاط بزوجته ولكنه وحيد في داخله ، أحدهما متسلط والثاني مسكين ...لكن عباءة الموت تلفهما معا ، والرغبة في الحياة تدفعهما معا إلى كتابة قائمة بالأشياء التي يرغبون في فعلها قبل ركل الحياة ، ومن هنا استمد الفيلم اسمه .
وتبدأ المغامرة التي تلف بهما العالم بفضل ثروة " إدوارد " من الصين إلى باريس وصولا إلى أهرامات مصر والتيبت ... ولكن دوما علينا العودة في مرحلة ما …تقول زوجة " كارتر " لصديقه " لقد ذهب غريبا وعاد زوجا " ، مساعدة شخص غريب عنك تماما ، تقبيل أجمل فتاة في العالم ، القفز من الطائرة بالمظلة ، وشم الجسد ...ورغبات كثيرة سواها يحققونها معا ، فطالما أن المال متوافر ، فكل ما يشتريه المال سهل التخقيق .
يتصالح كارتر مع عالمه الخاص ، مع زوجته التي حملت باكرا جدا ، فكان عليه التخلي عن حلمه في الدراسة والتدريس ، ليكتفي بأن يكون ميكانيكيا طوال أربعين عاما ورب أسرة وزوجا حنونا ..غضب كامن على زوجته ونفسه والحياة ...استطاع التحرر منه بعد أربعين عاما ، حين امتلك خيارا بسيطا جدا في أن يكون أنانيا بحق زوجته ليكتشف أنه ما زال يحب تلك الفتاة ...
أما مصالحة إدوارد فقد تطلبت رحيل الصديق الغريب عنه تماما ، الذي نجح في إدخال البهجة إلى قلبه ..ليكتشف حين تجرأ على أقتحام عالم ابنته وطلب الفرصة الثانية ، أن أجمل فتاة في العالم هي حفيدته .. وتكتمل بهذه القبلة " قائمة الدلو " .
قال كارتر أن أمنياته في الشباب أن يحصل على مليون دولار وأن يكون أول رئيس أمريكي أسود ، لكن مع مرور السنين تغيرت الأمنيات ،وسجل أمنياته على ورقة صفراء سماها " قائمة الدلو " Bucket List .
*أن أساعد شخصا غريبا عني .
*أضحك حتى البكاء .
* أن أقود سيارة شيفروليه .
أخذ إدوارد الورقة منه قائلا أن أمانيك ضعيفة جدا وأضاف أمنياته :
• أن أقفز من الطائرة بالمظلة .
• أن أحصل على وشم على جسمي
• أن أشاهد أكثر منظر في الكون سحرا
• أن أقبل أجمل فتاة في العالم
قررا أن يسافرا معا بغية تحقيق الأمنيات .
غضبت زوجة كارتر ، فهي تحبه ولا تريد أن تفقده حيا ، لكن كارتر مضى مع رفيقه إلى تحقيق أول أمنية وهي القفز بالمظلة ، ربط كل منهما نفسه مع مظلي محترف ومتمرس ، وطلب إدوارد من المظليين أن يؤجلا فتح المظلة كي يعيشا صدمة السقوط أطول وقت ممكن ، وكان ذلك مترافقا مع صياح الرعب اللذيذ .
ثم تسابقا بأحدث سيارتي شيفروليه ، وفرح كارتر كطفل حين فاز على رفيقه إدوارد
مضى إدوارد ليحقق أمنيته الثانية ، إحداث وشم على جسمه ، وجلس بجانبه صديقه كارتر يثرثران ويخططان للرحلة القادمة في مشوار الحياة القصيرة .
قررا أن أجمل منظر شاهداه هو مشهد الهرم ، كان صوت الآذان منبعثا من القاهرة ، كانا في الطائرة التي يملكها إدوارد ، محلقين فوق القطب ، قال كارتر متأملا صفاء الليل من عل :
• النجوم إحدى هبات الرب الجميلة.
• هل تعتقد أن كائنا صنع هذا ؟
• ألا تعتقد أنت ؟
• أتعني أن أنظر إلى السماء وأعد هذا وذاك؟ لا بالطبع .
ثم أضاف إدوارد :
إذا علمتني الحياة شيئا ، فهو أن خمسة وتسعين بالمائة من الناس هم على خطأ .
• ألا يمكن أن تكون أنت على خطأ ؟
• حين أكون مخطئا أفوز .
• قال كارتر محدثا نفسه :
هذا الرجل ينجح بهذه الطريقة .
حاول إدوارد أن يجعل كارتر يجرب الحب مع إمرأة غير زوجته ، وأرسل له سمراء حاولت أن تغويه بذكاء ودعته إلى سريرها ، لكن كارتر المحب لزوجته شكر الفتاة واعتذر لها رغم سحرها ورجع غاضبا من إدوارد .
في اليوم التالي رجعا إلى الوطن ، في اليوم الأول لعودة كارتر إلى بيته أعدت له زوجته عشاء فاخرا وسط الأولاد والأحفاد ، ووعدته بليلة نادرة كالتي كانا يعيشانها أيام الصبا ، لكن كارتر لم يلحق أن يسعد بهذا ونقل إلى المستشفى .
ودع كارتر زوجته وطلب أن يودع إدوارد ، قال له إدوارد : هذه القائمة لرجلين ، وهي لم تنته بعد ، أجابه كارتر أخشى أني مضطر ودخل كارتر إلى غرفة العمليات ولم يرجع وبعد حين لحق به صديقه .
دفن رماد الصديقين في كبسولتين على جبل ثلجي بعيد ، وراء جدار حجري صغير لا يلفت إنتباه أحد ، وكان ذلك ضد " القانون " الأمر الوحيد الذي ارتكباه مخالفا للقانون أن طلبا أن يدفن رمادهما في هذا الجبل الثلجي .
الفيلم تم عرضه في ستوكهولم تحت عنوان آخر " الآن أو أبدا " .
الفيلم أشار بدون تكلف إلى تلك المفاهيم البسيطة والعميقة للصداقة ، قدم مفهوما للسلام من خلال التصالح مع المعهود ومع الحديث في آن ، لغة جديدة وجريئة وقوية ، أساسها قبول الآخر ومحبته ومساعدته مهما كان وكيفما كان .
يقدم الفيلم معان عالية للحياة والموت ، كيف يكون المرء قادرا أن يمضي إلى نهايته من دون تشنج أو خوف أو حقد على المصير البائس وعلى الآخرين ، أن يمضي مع الحياة إلى نهايتها وإن كانت وشيكة وهو ما زال يضحك ملء الفم وبشجاعة واستهزاء منها .

ليست هناك تعليقات: