علاء الأسواني في روايته " عمارة يعقوبيان" والجنس عندما يكون بطلا
بقلم : بدرالدين حسن علي
الرواية
الدكتور علاء الأسواني طبيب أسنان مصري كتب عدة روايات من بينها رواية عمارة يعقوبيان – شيكاغو ونيران صديقة إلى جانب عدة أعمدة ومقالات في الصحف المصرية من بينها العربي الناصري – الدستور والشروق الجديد ، كما أنه عضو في حركة كفاية المصرية .
أتم دراسته الثانوية في مدرسة الليسيه الفرنسية في مصر ، ولد في عائلة برجوازية ، كان أبوه محاميا وكاتبا روائيا أيضا ، حصل علاء الأسواني على شهادة الماجستير في طب الأسنان من الولايات المتحدة الأميركية في شيكاجو في جامعة ألينوي ثم شهادة الدكتوراة ومولود في 26 مايو عام1 195.
تقع رواية عمارة يعقوبيان في 326 صفحة من الحجم العادي ، وخصص الكاتب أل 28 صفحة الأولى لسرد معاناته مع ما يسمى بهيئة الكتاب المصرية أو رقابة المطبوعات التي حاولت منع نشر كتبه ، وعرف أخيرا أنه لا توجد هناك هيئة كتاب محترفة مكونة من أساتذة أدب تستطيع الحكم بموضوعية على جودة أو رداءة النص ، بل كانت عبارة عن تشكيل مجموعة من موظفين موصى بهم لزيادة دخلهم ويرأسهم موظف ديكتاتور مستبد يتحكم بمصير أعمال الروائيين والمبدعين من الكتاب ، ويسمح أو يمنع بنفسه ما يرغب وما لا يرغب بنشره ، ويرد على استفسار الكاتب حول أسباب منع النشر قائلا بكل صلف وتحدي ( .. اسمع ، لن أنشر لك حرفا واحدا ولن أعطيك تقارير .. أنا حر يا أخي .. لن أنشر لك وأعلى ما في خيلك أركبه ، ثم يغلق سماعة الهاتف.
هكذا يتصرف العسكر وبهذه العقلية ، وكأنهم أولياء نعمة البلد ، هم الوطنيون ، وغيرهم عملاء مأجورين ومشكوك في وطنيتهم وانتماؤهم للوطن .
يقول الأسواني ان عمارة يعقوبيان بنيت في عام 1934 بوسط مدينة القاهرة في شارع سليمان باشا من قبل عميد الجالية الأرمنية المليونير هاجوب يعقوبيان ، وتعاقد لبنائها مع مكتب هندسي ايطالي شهير وضع لها تصميما جميلا من عشرة أدوار شاهقة من الطراز الأوروبي الكلاسيكي الفخم واستغرق بناؤها مدة سنتين ، وفوق سطح العمارة خصصت حجرتان بمنافعهما لاقامة البواب وأسرته وفي الناحية الأخرى من السطح تم بناء خمسين غرفة صغيرة بعدد شقق العمارة من الحديد الصلب وتغلق بأقفال وتسلم مفاتيحها لأصحاب الشقق ، وللغرف الحديدية أغراض متعددة لتخزين المواد الغذائية ومبيت الكلاب الكبيرة الحجم أوالشرسة ولغسيل الثياب التي تقوم به غسالات متخصصات قبل انتشار الغسالات الكهربائية ، وطلب من المهندس أن ينقش اسمه بحروف لاتينية كبيرة تضاء ليلا بالنيون وكأنه يخلد اسمه ويؤكد ملكيته للمبنى البديع ، وقد سكن في عمارة يعقوبيان صفوة المجتمع في تلك الأيام ، وزراء وباشوات ورجال صناعة أجانب واثنان من مليونيرات اليهود ، أحدهما من عائلة موصيري المعروفة. وأبرز الشخصيات التي سكنت بالعمارة السيد زكي الدسوقي ، المهندس المعماري الذي تخرج من فرنسا، وحاتم رشيد الصحافي الشاذ والحاج عزام النائب عن منطقة قصر النيل ويقول عنه زكي الدسوقي أنه كان مسّاح جزم .
بعد ثورة عام 1952 ، تغير كل شيئ ، بدأ الأثرياء يهجرون وسط البلد الى الخارج وحي المهندسين ومدينة نصر ، وكلما أخليت شقة ، يقوم أحد الضباط من ذوي النفوذ بالاستيلاء عليها والانتقال بعائلته الكبيرة من الريف .بدأت زوجات الضباط باستعمال الغرف الحديدية بتربية الدواجن (أرانب وبط ودجاج) حتى شكى السكان الى اللواء الدكروري مدير مكتب الرئيس محمد نجيب والساكن بالعمارة لمنع انتشار هذه الظاهرة غير الصحية.
.
بعد وفاة وكيل العمارة الأرمني (كريكور) نشأ مجتمع جديد فوق سطح العمارة مستقل تماما عن بقية العمارة.طه الشاذلي ابن بواب العمارة المتفوق في دراسته الثانوية والحاصل على معدل 89 % ، الكثير من سكان العمارة يغيرون منه ويحاولون تهميشه وتحقيره بأي وسيلة ، حاول الانضمام لكلية الشرطة ، لكنه يواجه بسؤال عن طبيعة عمل والده ، فأجاب رئيس اللجنة والدي موظف يا سيدي ، فرد عليه الضابط بسخرية موظف أم حارس عقار؟ فرد عليه ، أليس حارس العقار موظفا يا سيدي ؟ ، لم يستطع طه الشاذلي (بسبب وظيفة والده كحارس عمارة) أن يدخل لكلية الشرطة ويحقق حلمه ليتزوج من حبيبته بثينة السيد ، فكتب لرئيس الجمهورية تظلما ص 105 وأتاه الرد من مدير ادارة شكاوي المواطنين برئاسة الجمهورية بعدم صحة موضوع الشكوى ، ص 118.فاضطر للالتحاق بالجامعة بعد فشله بالانضمام لكلية الشرطة ، وفي الجامعة يكتشف الفوارق الطبقية بين الطلبة من أبناء الذوات وأبناء الأرياف والفقراء المهمشين مثله ، فتعرف على أحد الطلبة من أرياف الصعيد وكان متواضعا ومتدينا ، فتأثر طه بصداقته وألحقه بأحد المساجد التابعة للحركة الأصولية التي تقاومها الدولة ، فسار في مظاهرة سلمية تنادي بارساء دولة اسلامية لا شرقية ولا غربية ، فألقي القبض عليه وتعرض خلال فترة الاستجواب للاغتصاب الجنسي ، فصمم على الثأر لشرفه .
بثينة السيد ،عشيقة طه الشاذلي وابنة السطوح وجدت عملا كبائعة في متجر للملابس لدى التاجر السوري طلال بمرتب 250 جنيه بعد وفاة والدها لتتمكن من اعالة أسرتها الكبيرة ، وطلال كان يعتدي جنسيا على جميع العاملات لديه مقابل عشرة جنيهات لكل ممارسة جنسية في مخزن المحل بالطابق السفلي ثم قطعت علاقتها مع طه الشاذلي المتدين.
يظهر أيضا الحاج محمد عزام التاجر الكبير الذي اشترى محل يعقوبيان في الطابق الأرضي للعمارة ، وأصبح من أثرياء المجتمع بسبب تجارة المخدرات التي كان يحميها له المتنفذ الفولي الذي كان يحصل على نسبة مئوية من أرباح الحاج عزام ، الى أن أصبح وكيلا لسيارت يابانية توزع في مصر عن طريقه ، طالب الفولي بربع الأرباح ولكن عزام ماطله الى أن تعرض لعملية اقتحام بوليسية دبرها له كمال الفولي ، ثم خلصه منها ، فرفع بنود العقد ليحصل على 50 % من الأرباح بدلا من الربع ، فاضطر الحاج عزام للرضوخ للأمر الواقع حيث أصبح نائبا في مجلس الشعب عن منطقة قصر النيل بواسطة نفوذ الفولي ، ويتزوج الحاج عزام من سعاد جابر الأرملة المتوفي زوجها في العراق ولديها ولد عمره ستة سنوات يرفض اقامته معه ومع أمه ويصر على اقامة الابن مع خاله ويتكفل هو بدفع مصاريفه ، كما ويشترط على سعاد جابر عدم الانجاب ، الا أنها حملت ، وقامت تبشره بالحمل ، ليرسل لها مجموعة من البلطجية ليجهضوها عنوة ، وكأن الحكومة والقانون تحت أقدامهم.
يعرض ملاك القبطي ومعلم خياطة القمصان على بثينة السيد أن تقوم بعرض منتجاته على طلال ، ليبيع بضاعته في محله ، ويسألها عن مرتبها الشهري ، فتجيبه 250 جنيها بالشهر ، ويلمح لها بمعرفته بكل دقائق الأمور التي تحصل لها في مخزن طلال الأرضي ، ويعرض عليها العمل (كسوكورتيرة) بمرتب 600 جنيه بالشهر في مكتب زكي الدسوقي ، لمعرفته المسبقة بدونجوانياته وحبه للنساء من خلال شقيقه أبسخرون فانوس ، خادم زكي الدسوقي. ودولت شقيقة زكي الدسوقي الأرملة التي كانت تعيش معه في الشقة التي ورثها عن أبيه عبد العال باشا الدسوقي ، القطب الوفدي المعروف ، كانت تضيق عليه عيشته وتتدخل في كل شئونه وكأنها ولية أمره ، كانت سليطة اللسان ومتجبرة في كل تصرفاتها وتريد أن ترثه وهو حي يرزق ، علما بأنها الوريثة الشرعية له اذا ما توفي قبلها ، فطردته من شقتها بعد تعرضه للسرقة من قبل المومس رباب التي خدرته وسرقت محفظته بتسعمائة جنيه وطقم أقلام ذهبية وخاتم ألماس تعود ملكيته لشقيقته دولت ، فلجأ للاقامة في مكتبه الهندسي الموجود أيضا بنفس العمارة ، وتمكنت بواسطة ملاك ، من الحصول على نسخة من مفتاح مكتب شقيقها زكي ، لتداهمه مع مجموعة بوليس لتضبطه متلبسا مع بثينة في خلوة عاطفية ، وألقي القبض عليه ، لكن القانون كان لصالحه ، لأن اقتحام الشقة كان غير قانوني ، فكسب القضية ضدها وتزوج من بثينة التي أحبته وأخلصت له ، ورفضت عرض ملاك بسلب توقيعه وهو ثملا فاقد الوعي على عقد تمليك الشقة بعد وفاته مقابل 5000 جنيه .
كان الدكتور حسن رشيد من أعلام القانون في مصر والعالم العربي وواحدا من مثقفي الأربعينيات ، تزوج من صديقته الفرنسية جانيت أثناء دراسته في باريس واصطحبها معه الى مصر وأنجبا معا ابنهما الوحيد حاتم ، لا يذكر حاتم أنه رأى أباه يصلي أو يصوم ، الغليون لا يفارق فمه والنبيذ الفرنسي دائما على مائدته ، والفرنسية كانت لغة التخاطب في البيت ، كان غارقا في أبحاثه وأعماله ومحاضراته في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، وزوجته جانيت تعمل كمترجمة في السفارة الفرنسية ، وأقامت علاقة جنسية مع أحد موظفي السفارة وشاهدها ابنها حاتم في ممارسة فاضحة ، مما زاد في تعقيد حياته. قضى حاتم طفولة حزينة ووحيدة ، على عكس الأطفال ، كان يحب أيام المدرسة ويكره الاجازة الصيفية الطويلة التي يقضيها وحيدا بلا أصدقاء ، ويقضي وقتا طويلا مع الخدم ، الى أن اعتدى عليه السفرجي ادريس النوبي واغتصبه جنسيا في سن التاسعة من عمره ، وامتدت علاقة حاتم بادريس سنوات حتى مات الدكتور رشيد وغادر ادريس وبقية الخدم المنزل ، وأثرت غيبته في نفسية حاتم وانغمس بعد ذلك في حياته الشاذة الصاخبة ، وبعد وفاة أمه ، تحرر من آخر قيد على ملذاته وورث دخلا ثابتا يكفل له حياة رغدة بالاضافة لمرتبه من الجريدة ، قام بتجديد شقته الكبيرة في عمارة يعقوبيان ، ثم يتعرف على المجند عبد ربه من الأرياف الذي كان يشبه ادريس فمنحه مالا وأغواه ، وللشواذ ألقابا يطلقونها ، الشاذ الذي يلعب دور المرأة يسمى ( الكوديانا ) والفحل يسمى ( البرغل ) وبعد العملية الجنسية ، يحتقر البرغل الكوديانا ، وكثيرا ما يقوم بتعنيفه وضربه وتحقيره وايذاؤه جسديا . ص 111 – 116.
استطاع حاتم أن يقنع عبد ربه بأن ينتقل مع زوجته وابنه الى القاهرة من الأرياف وتمكن من استئجار حجرة لهم على سطح العمارة ، وما لبث أن مرض ابنه الصغير وتوفي نتيجة المرض ، وفجأة أفاق عبد ربه على ضميره الذي بدأ يؤنبه ويعزي سبب وفاة طفله لعلاقته الشاذّة غير السوية مع حاتم ، على الرغم من تدينه ومواظبته على الصلاة والصيام ، فقرر مغادرة الشقة الى الأرياف ، وسلم مفاتيح الحجرة للبواب لاعادتها لحاتم ، الذي بدأ بالبحث المتواصل عنه ، حتى وجده ، وأغراه بالمال ، واستعاده لمنزله ، وظن أنه امتلكه مرّة ثانية ، لكن عبد ربه أصر على العودة لزوجته وقريته ، فهدده حاتم وأساء اليه بالشتائم الاستعلائية ، فثأر عبد ربه لكرامته وخنق حاتم بيديه .
كريستين ، صاحبة المطعم ذو الطراز الأوروبي الفخم ، تغني في البار لترفه عن الزبائن أغنية للمطربة الفرنسية اديث بياف ، ( لا لست نادمة على شيئ ... أي شيئ ، لا الخير الذي قدم الي ولا الشر .. كل شيئ يتساوى عندي ، أشعلت النار في ذكرياتي .. أحزاني وأفراحي لم أعد أحتاج اليهم ، تخلصت من الماضي وعدت الى نقطة الصفر لكي أبدأ في حبك )
غادر زكي الدسوقي البار بصحبة بثينة ، وهو يشرح لها تاريخ المنطقة الجميل ، وظل زكي يترنح الى أن وصل أمام عمارة يعقوبيان ، وهتف صارخا ، شايفة الطراز المعماري البديع ؟ العمارة دي ، منقولة بالمسطرة عن عمارة شفتها بالحي اللاتيني في باريس ، وواصل قائلا ، عارفة يا بثينة ، أنا باحس أن عمارة يعقوبيان ملكي ، أنا أقدم ساكن فيها .
سارت مظاهرة في شوارع القاهرة احتجاجا على حرب الخليج وعلت الهتافات بحماس بالغ ( اسلامية اسلامية ، لا شرقية ولا غربية ، خيبر خيبر يا يهود ، جيش محمد سوف يعود ، يا حكامنا يا لئام .. دم المسلم بعتوه بكام ؟ )
اشترك طه الشاذلي في المظاهرات طوال النهار وألقي القبض عليه وسجن وعذّب وتم اغتصابه جنسيا ، وقرر الانتقام من الضابط العقيد صالح رشوان الذي أشرف على تعذيبه ، حيث كان العسكر ينادونه باسم فوزية ويجبرونه على أن يقول أنا فوزية ، وأدخلوا عصاة في مؤخرته امعانا في الاهانة ، فانضم لمعسكر تدريب عسكري تابع للجماعات الأصولية الاسلامية ، وتم زواجه من أرملة ناشط اسلامي تكبره بثلاث سنوات قبل ارساله في المهمة الانتقامية ، ثم وضعت خطة الانتقام بصورة متقنة وداهمت المجموعة القتالية التي تضم طه الشاذلي منزل العقيد صالح رشوان، وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص ، وأصيب طه الشاذلي بزخات من رصاص الحماية العسكرية وقتل في العملية العسكرية ص. 322
في مطعم مكسيم الذي تملكه كريستين ، احتفل زكي الدسوقي بزفافه من بثينة السيد التي جاءت بفستان العرس الأبيض يحمل أطراف ذيله الطويل أخواتها البنات وأخوها الصغير مصطفى ، وعزفت كريستين على البيانو أغنية الحياة بلون الورد لاديث بياف ورددت بصوتها العذب الكلمات :ـ ( عندما يأخذني بين ذراعيه ويهمس لي .. أرى الحياة لون الورد. يقول لي كلمات حب .. كلمات كل يوم .. لكنها تصنع في قلبي شيئا . ص 325.
وتحزمت أكثر من واحدة ، وألححن على العروس حتى استجابت وسمحت لهن بتحزيمها ثم اندمجت بالرقص وزكي بك الدسوقي يتأملها بنظرة محبة واعجاب ، ورفع ذراعيه لأعلى ، وبدأ يشاركها في الرفص وسط تهليل الحاضرين وضحكاتهم ص 326.
يسرد الأديب علاء الدسوقي على ألسنة أبطال الرواية أن الأوضاع في مصر كانت منضبطة أيام العهد الملكي أكثر منها في أيام ثورة العسكر الناصرية ، حيث الفلتان والفوضى اذ قامت بمحو شامل لكل الانجازات السابقة التي وصفوها بالعهد البائد ، وقاموا بتخوين معظم رجالات حزب الوفد المصري الذي قاد حركة المقاومة ضد الاستعمار البريطاني ودفع المصريون المثقفين ثمنا باهظا من أرواح الشباب التي سقطت برصاص الجنود البريطانيين الذين واجهوا مظاهرة طلبة الحقوق السلمية بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ، ومع ذلك نرى النخبة من أبطال الرواية من أبناء الطبقة البرجوازية كزكي بك الدسوقي يتحسر على عهد الاستعمار البريطاني الذي كان يدير البلد بانضباطية وشفافية أكثر من عهد العسكر الذي اتسم بالفساد والمحسوبية وانتشار البلطجة التي تمثلت ببلطجة الضباط في كل محافل الرواية ، من الاستيلاء على الشقق الفارغة بالعمارة ـ للروح الديكتاتورية والاستعلائية التي تمثلت في رفض طلب قبول طه الشاذلي بكلية الشرطة لأنه ابن بواب ، حيث سيادة الفوارق الطبقية ما زالت منتشرة على الرغم من تشدق الضباط الأحرار بتحقيق قيم العداله والمساواة في المجتمع ، تبرز الرواية عن أن الأجنبي الانجليزي أكثر انسانية ورحمة وشفقة في تعامله مع الانسان المصري من الضباط الأحرار المصريين ، ثم تبرز الرواية بشكل واضح الاستهتار بمبادئ اللغة العربية ومحاولة التشدق والتباهي باللغات الأجنبية التي تنم عن عقدة نقص في نظرة الانسان المصري للقيم العربية والاسلامية ، ولا أدري ان كانت هذه الملاحظات تعكس بالضرورة رأي الكاتب نفسه أم رأي الأغلبية الأرستقراطية التي أبرزها الكاتب في شخوص الرواية .
الفيلم
الفيلم يحكي حكاية سكّان عمارة يعقوبيان و سكّان سطح العمارة.. و يعكس بطريقة مثيرة نواحي فريدة في شخصياتهم المعقدة
لكن لم استطع ان اشعر بالإرتياح من التركيز على الجنس سواء في الفيلم او القصة. فالجميع مهووسون بالجنس بطريقة غريبة. هناك من تتهرب من تحرشات اصحاب العمل و من يمارس الرذيلة بشكل يومي و هناك حتى الشاذ جنسيا .
وما يدفع للإستياء هو تصوير المجتمع بأسره كأنه لا شغل له و لا مشغلة الا قضاء احتياجاته الجنسية! و حتى الام التي تنصح ابنتها بأن تكون "مرنة" حتى "تعمّر" في الشغل. ومن الواضح جدا ان كل ما يرغب فيه شخصيات الفيلم او الرواية هو الجنس . ثم التصوير البشع للحاج المتدين صاحب الاملاك و المصانع والمحلات، الذي يحلل لنفسة الحشيش و الاجهاض ما دام يخدم مصالحة. في حين يتاجر هو بالمخدرات .
ثم وضع النساء العوانس، من حيث ضيقهن ذرعا بأخوانهن لدرجة ابلاغ الشرطة عن ان اخاها يستعمل شقته لأغراض اباحية. و رده عليها بأنها قد مارست الرذيلة مع رجال اكثر من اعضاء البرلمان القديم و الحديث.
الفيلم يطرح أيضا موضوع الشذوذ الجنسي و يطرح ايضا كيفية معاقبة من يمارس ذلك على طريقة عقوبة السماء "العادلة" و نظرة المجتمع لهم.. خصوصا اذا كان من الطبقة البرجوازية .
ما يثير البلبلة هو تقديم الشعب المصرى برمته باعتبار افراده مجانين ولا يشغلهم غير الجنس ويغفل تماما الرجال الافاضل و الفاضلات من النساء .. وهم باعتقادي المتواضع الاغلبية..
يسرا ممثلة رائعة لكنها مطربة فاشلة جدا جدا! خصوصا عند غنائها بالفرنسية التي تغنيها بطريقة ميكانيكية غير سلسة ، كما أن مشاهد
عادل امام وبراعته في التقبيل لم تكن موفقة وكأنما هي إرضاء له وكأنما الفيلم هو عمارة البوس والجنس .
الجمعة، 21 يناير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق